نبذة عن المرأة الأرترية

 

في سني الثورة الأول كان للمرأة في بلادي حضور واضح حيث كانت تُعقد الاجتماعات السرية في البيوت للتشاور و التفاكر وإن المرأة حينها وإن لم تشارك بشكل فعلي إلا أنها لم تكن معزولة عن الذي يحدث حولها فكانت تراقب وتشجع بل وتحث الرجال وتشد من أزرهم وكانت تهيئ موقع الاجتماع وعند انعقاده كانت هي وأبنائها وبناتها يقمن بدور( الديدبان – الحرس ) حتى ينفض الاجتماع وبعد ذلك يقمن بالحفاظ على السر .

ثم تأتي بعد ذلك مرحلة انطلاق الثورة وجدت المرأة في بلادي نفسها أمام مسئوليات جسام فأصبحت تقوم بدور الأم والأب من حيث التنشئة والتربية لأبنائها وتلك بحق مسئولية عظمى إذا رجعنا فلاش باك للوضع الاقتصادي والاجتماعي للنساء في كافة أرجاء المعمورة، عليه فأنا اؤمن تماما بأن كل زوجات الرعيل الأول هن رعيل ولو هؤلاء الرجال البواسل لم يجدوا تشجيعا ويأنسوا ثقة في مواقف زوجاتهم ربما كان سيصعب عليهم ذلك ، فخرج الرجال إلى الأحراش وخلفيتهم مؤمَنَة تماماً فكانت حينها هذه الأم المناضلة تكابد شظف العيش و(تباصر) قوت أبنائها وتهتم بتربيتهم وتعليمهم ولا تتذمر ، وعندما يأتي الزوج المقاتل في استراحة المحارب كان يقابل بالود والترحاب ويأتيه منها التأكيد أن كل شيء على ما يرام ولا ينقصهم شيء إطلاقا ثم يودع بمثل ما قوبل به من حفاوة وتشجيع ومؤازرة

هذا لا يعني إطلاقا بأن تلك المرحلة لم تكن فيها مشاركة فعلية من قبل المرأة بل كان للمرأة في بلادي شرف المشاركة في تأسيس الثورة في سنواتها الأولي ويذكر التاريخ هنا بأحرف من نور السيدة سعدية محمد والتي ذكرها الشهيد محمد علي أبو رجيلة في مذكراته واعتبرها من المؤسسين حيث كانت تشرف بشكل مباشر مع رفيق دربها المناضل حسين سمر العول علي أول بيت للجبهة في مدينة أغردات وتقوم علي رعاية وخدمة الفدائيين حتى في غياب زوجها ومن الذين ذكروا ذلك  سيوم عقباميكائيل وكيف كانت تحرسهما ليلا هو ورفيقه ولدّاويت عندما كانا في طريقهما إلي أسمرا ، دعوني هنا أحكي لكم عن قصة حدثتني بها شقيقة المناضل الشهيد صالح عمار حيث ذكرت لي أن أخاها كان يحضر إلي مدينة أغردات من الميدان لتنفيذ بعض المهام وبعد أن يكمل مهمته تماما كانت تحضر إلي منزلنا المرحومة سعدية فتبلغ والدتي أن ابنها قد حضر فتدعوها لزيارته فكنت أذهب بصحبتها لملاقاته لزمن وجيز ثم نغادر نحن ، أنظر إلى هذا الموقف الفريد، موقف السيدة شريفة والدة الشهيد صالح عمار وتخيلوا حالها وهي تقابل ابنها الوحيد وبعد طول غياب وللحظات وفي منزل غير منزلها وهي تعلم تماما المخاطر التي تحيط به، تخيلوا معي كيف كانت تقضي ليلتها تلكم؟!

أيضا هذه المرحلة مرحلة بداية الستينات كان للمرأة في الريف دور كبير حيث كانت تستقبل المقاتلين وتعد الأكل لهم كما أن للفتيات كان دور كبير في عمليات التسوق للمقاتلين من المدن المجاورة والقيام بدور الاستطلاع.

ثم تلت ذلك مرحلة الثلث الأخير من الستينات مرحلة التشكيلات والخلايا النسوية والتي بدأت في السودان والتي كانت تشمل كل زوجات وبنات المناضلين تقريبا مع أخريات وكان من أبرز رموزها السيدة فاطمة محموداي والسيدة نسريت كرار ، أيضا شهدت هذه المرحلة إبتعاث أول مجموعة للتطبيب إلى بغداد وكانت تتكون من مجموعة من المناضلات والمناضلين أذكر منهن كل من المناضلة جمعة عمر، رحمة ، نسريت كرار، مريم ملكين، فاطمة حسين، ستنا سعد ، سعدية تسفو والأخيرة كانت قد ساهمت في عملية تصفية أحد العملاء العتاة في مدينة كرن، هذه الدورة كانت قد شملت مجموعة أخرى من المناضلات ولكن لم تستحضرني أسماؤهن ، هذه الكوكبة من المناضلات كن فيما بعد ضمن طاقم أول عيادة مركزية للثورة في منطقة هواشايت بعد أن اتخذت الجبهة قرارا بتوطين العلاج في الميدان بدلا من السودان، هنا يذكر التاريخ المناضلة بخيتة عبد الله والتي لم يرد اسمها ضمن الطاقم الموجه إلى الميدان مما أصابها بحالة من الحزن والاكتئاب فكان أن اتخذ الشهيد باشميل قرارا بإلحاقها برفيقاتها، ونستطيع أن نقول بأن هذه الكوكبة كانت هي المجموعة الأولي التي التحقت بالثورة عن طريق الانخراط الفعلي في صفوف المقاتلين في الميدان .

وفي حقبة السبعينات والتي شهدت تدفقا هائلا من المناضلين والمناضلات وأصبح الوجود النسائي أكثر بروزا وحضورا فكانت أن أصبحت المرأة في بلادي تزاحم الرجال في الثكنات واقتحام خنادق الأعداء ومن رموز هذه المرحلة الشهيدة ألم مسفن والتي تعتبر أول شهيدة في تاريخ الثورة الارترية تستشهد في الميدان، أيضا هذه المرحلة شهدت حراكا نسويًا منظماً ومدروسًا أفرز تأسيس أول اتحاد نسوي الذي سبقت فيه المرأة الكثير من دول المنطقة ذات السيادة الوطنية وكان من رموز هذه المرحلة كل من السيدة آمنة ملكين الشهيدة زينب محمد موسى والسيدة زهرة جابر وأخريات.

كان لتأسيس هذا الاتحاد الصرح دوراً كبيراً في زيادة تأطير المرأة ورفع مستوى وعيها السياسي وتنظيم دورها في النضال بشكل علمي و ممنهج.

ونحن إذ نذكر دور المرأة في بلادي نتحدث عن المرأة الارترية بشكل عام بغض النظر عن انتماءاتها التنظيمية حينها حيث يذكر تاريخنا الكثير من النساء في تنظيمات الثورة الأخرى مثلا لمناضلة آمنة هوا وهي من نفس جيل نسريت كرار وفاطمة محموداي أيضا يذكر التاريخ السيدة الشاعرة زينب يسن في الجبهة الشعبية والمقاتلة الشهيدة إيراب .أيضا هناك بطلات مرحلة نهاية السبعينات حيث وصلت المرأة في بلادي إلي ذروة المشاركة الفاعلة وكيف أصبح لها وجود فاعل في كل مفاصل الثورة بما في ذلك العمل العسكري وقدمن أرتالا من الشهيدات في معارك التحرير ووصلت بعضهن إلى مستوى قيادات المجموعات والفصائل.

في هذه المرحلة أيضا نجد مجاهَدَات ونضالات المرأة في التعليم حيث نذكر وبكل فخر المعلمات الأميات وهذه قصة طويلة وذات شجون كان لفتيات التأهيل التربوي دور فيها ونذكر منهن الأستاذة أمونة حامد، زينب قبريس، فاطمة إدريس ، زينب سليمان ، خديجة حامد ، سعدية حامد ،أرهيت يسن ،زينب إياسو والقائمة تطول وتطول وكان دوما شعارهن( بنات الجبهة نار) كذلك دور إرتريا في عضوات الاتحاد العام لطلبة إرتريا في مسيرة التعليم في المدن ومعسكرات اللاجئين وحتى في الميدان ضمن برنامج الخدمة الوطنية

سفر نضال المرأة في بلادي حافل بالبطولات والتضحيات النادرة وقد حاولت تسليط الضوء علي بعض مما أعرف والذي أعرفه كثير ويحتاج إلى مزيد من البحث والتوثيق، وأنا انتهز الفرصة لأناشد كل من له معرفة بهذا التاريخ أن يحاول توثيقها مهما كانت قيمة هذه المعلومة كما أناشد أخواتي النساء للتفاكر والعمل على اقامة اتحاد نسوي عام حتى تواصل المرأة في وقتنا الحالي مسيرة المرأة في تاريخنا التحرري .

ختاما لا يسعني إلا أن أحيي كل نساء بلادي المناضلات الصامدات في كل مواقع البذل والعطاء بغض النظر عن انتماءاتهن التنظيمية والسياسية كما اعتذر لكل من لم أذكر إما سهواً أو جهلا.

(مقتبسة بتصرف من مقال نساء من بلدي للأستاذة جواهر محمد علي)

Directory Wizard powered by www.polldirectory.net

Watch Dragon ball super